المحور الثاني:
محطات من تاريخ تطور الفلسفة:
تقديم عام للمحور:
لقد كان المحور الأول لمثابة محطة توقفنا فيها عند البداية الأولى بالتفكير الفلسفي في بلاد اليونان، حيث يمكن القول بأن الفلسفة اليونانية هي التي شكلت المنطق الأساسي للتفكير الفلسفي، وذلك من خلال دراستها مشاكل الكون والطبيعة والإنسان، على اعتبار أن الفلسفة تعكس تصورات وانشغالات الفلاسفة لذلك جاءت أفكارهم وتصوراتهم متمايزة ومختلفة عبر تطور الفكر الفلسفي وعليه يمكن القول بأن الفلسفة لم تعرف مسارا او اتجاه واحد، ولكنها عرفت مسارات واتجاهات متعددة ومتباينة، ولأجل ذلك كان تاريخها هو تاريخ التعدد والتنوع واختلاف. فما هي إذن المحطات الكبرى التي مر منها تاريخ الفلسفة؟.
- المرحلة اليونانية: من القرن 6 الى القرن 4 قبل الميلاد / أصل الكون.
- المرحلة الإسلامية: من القرن 9 الى القرن 12 ميلادية / اشكال العلاقة بين الفلسفة والدين.
- المرحلة الحديثة: من القرن 17 الى القرن 19 ميلادية / سؤال المنهج.
- المرحلة المعاصرة: من القرن 19 الى يومنا هذا / سؤال الفلسفة على العلاقة بين الفلسفة والعلم.
انطلاقا من هذه المحطات الكبرى يمكن القول بأن الفلسفة شهدت لحظات كبرى تطور من خلالها الفكر الفلسفي، ولكن هذا الانتقال من مرحلة الى أخرى ليس مجرد انتقال في الزمان والمكان، وإنما انتقال أيضا في المجال الفكري والعلمي واللغة...
الفلسفة الإسلامية "الفلسفة والدين":
تمهيد:
انتقلت الفلسفة الى الحضارة الإسلامية عن طريق الترجمة في بيت الحكمة التي أنشأها المأمون العباسي في بغداد سنة 215 هجرية، حيث قام بالتشجيع على ترجمة الكتب الفلسفية من اللغة اللاتينية الى اللغة العربية وخاصة الكتب التي تهتم بالطب والعلوم والهندسة. ولذلك حاول الفلاسفة المسلمين تعريف الناس بموضوعات الفلسفة وأهميتها في الفكر الإنساني، فكان أول من قام بذلك هو الفيلسوف المسلم الكيندي، ليتطور بعد ذلك الفكر الإسلامي مع كل من الفارابي وابن سينا؛ إلا ان هذا التطور سيعرف نكسة على يد حجة الإسلام الإمام الغزالي الذي كفر الفلاسفة وأفتى لتحريم الفلسفة من خلال كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة"، إلا ان الفلسفة ستعرف انبعاثا جديدة مع كل من ابن باجة وابن طفيل. وسيتوج هذا التطور مع ابن رشد الذي دافع بقوة على ضرورة الفلسفة وأهميتها كما وضح تلك العلاقة الوطيدة بين الحكمة والشريعة.
استثمار نص ابن رشد:
تعريف صاحب النص:
ابن رشد: هو الإمام محمد بن أحمد بن رشد الحفيد الأندلسي ويلقب بـ"أبي الوليد" ولد سنة 520 هجرية (1126 ميلادية) بقرطبة، وقد صدرت له بعض الأعمال: تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة، الكليات، تهافت الفلاسفة.
شرح المفاهيم:
- الموجودات: مجموع ظواهر الكون.
- النظر: تأمل وتدبر الكون.
- الندب: حكم شرعي يقابله المكروه.
- وجوب: حكم شرعي يقابله النهي.
- القياس: استدلال عقلي ننتقل فيه من مقدمين، مثلا: "كل إنسان فان"، سقراط إنسان"، "سقراط فان".
- النظر البرهاني: أو القياس البرهاني، وهو قياس الأكثر صدقا، قوة صدقه ناتجة عن قيمة مقدماته.
- الاستنباط: هو الانتقال من قضايا عامة الى قضايا خاصة "الانتقال من الكل الى الجزء".
- الاستقراء: هو الانتقال من قضايا خاصة الى قضايا عامة "الانتقال من الجزء الى الكل".
اشكال النص:
ما طبيعة العلاقة بين الفلسفة والدين؟ هل هي علاقة ترابط واتصال أم هي علاقة تضاد وانفصال؟.
أطروحة النص:
يتمحور النص حول الحث على ضرورة النظر في الموجودات انطلاقا من الحكم الشرعي الداعي الى التدبر في الكون واستعمال القياس العقلي لاستنباط المجهول من المعلوم كما يوضح أنه لا تعارض بين الفلسفة والدين.
استنتاج:
نستنتج أن ابن رشد دافع عن الفلسفة والفيلسوف ووفق بينهما مع الدين، بحيث خَلُص بان الفلسفة حق والشريعة حق والحق لا يضاد الحق بل يوفقه ويشهد له، كما جعل من التأويل الوسيلة المثلى لإقامة توازن بينما جاءت له الحكمة وما جاء به الدين.
خلاصة:
تمثل الفلسفة الإسلامية احدى اللحظات الأساسية لتاريخ الفلسفة وتطويرها، ففي مقابل ترجمة الكتب اليونانية وشرحها نسِيَما كتب أفلاطون وأرسطو، فإنه كانت الفلسفة الإسلامية قضيتها الخالصة والمتمثلة في قضية التوفيق بين الحكمة والشريعة/ العقل والنقل/ الفلسفة والدين، حيث ظهر الكندي لتوضيح الغايات الأساسية من التفكير الفلسفي والتي لا تتعارض في جوهرها مع ما جاء به الشرع، ثم بعده ابن رشد الذي دافع عن الفلسفة بقوة من خلال كتابه تهافت التهافت، كرد فعل على الإمام الغزالي الذي كفر الفلسفة والفلاسفة، لكن الفلسفة الإسلامية ستعرف بدورها مرحلة شيخوخة وجمود، مما سيؤدي الى انتقالها الى اروبا لترتكز عليها النهضة الاوربية ويستفيد منها الغرب، وهي ما سيعرف لاحقا بالفلسفة الحديثة. فكيف ظهرت الفلسفة الحديثة؟ ومن هم فلاسفة العصر الحديث؟ وما هي مدارسهم؟ وما هي أهم القضايا التي حافظت عليها الفلسفة الحديثة؟.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا