المؤلفات:
عين الفرس:
الأدب: هو تعبير عما يعتمل الذات الإنسانية من أحاسيس ومشاعر جياشة، موظفا تعابير بلاغية تؤثر على النفس. والأدب ينقسم الى قسمين:
× نثر:
- نثر قديم:
- ملحمة.
- المقامة.
- الرسالة.
- نثر جديد:
- القصة.
- المسرحية.
- الرواية "عين الفرس".
× شعر:
- شعر قديم:
- شعر عمودي.
- شعر حديث:
- شعر حر.
القراءة التوجيهية:
تعريف الرواية:
ترتكز الرواية على ثنائية الذات والموضوع، وتسعى الى تعلية الواقع في مختلف المجالات "الاجتماعية، السياسية، النفسية، الثقافية..." وتنفرد الرواية بتنوع الاجناس الأدبية وتداخلها في النص الروائي. ويمكن تعريف الرواية بأنها فن نثري يتناول مجموعة من الاحداث وفق تسلسل منطقي، تقوم بها شخصيات متعددة في زمان ومكان يكون أوسع من القصة، إضافة الى مقومات أخرى من قبيل زمن الأحداث، الخطاطة السردية...،غير أن ما يمز الرواية عن باقي الفنون الأخرى انها جنس منفتح عن باقي الأنواع الأدبية الأخرى.
نبذة عن حياة الكاتب:
ولد الميلودي شغموم سنة 1947م بالمعارف، تابع دراسته العليا بكلية الطب الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، حصل على ديبلوم الدراسات العليا في الفلسفة سنة 1982م ثم على دكتوراه الدولة.
اشتغل ميلود شغموم بالتدريس في المحمدية، بدأ النشر سنة 1972م بظهور مجموعة قصاصية (أشياء تتحرك)، له عدة أعمال نذكر منها:
- مسالك الزيتون "رواية".
- عين الفرس "رواية".
- الضلع والجزيرة "روايتان".
- سفر الطاعة "قصص".
- الوحدة والتعدد في الفكر العلمي الحديث "دراسة".
دراسة العنوان:
يكتسي العنوان أهمية قصوى عند المؤلفين والقراء، باعتباره مفتاح للكتاب، فهو الجبل السري بين المتلقي / القارئ والعمل الأدبي، ويتخذ في تنياه وظائف تأثيرية وإغرائية، والعنوان "عين الفرس" يتكون من كلمتين، الأولى مضاف والثانية مضاف اليه، ويوحي الى دلالات عديدة، فالعين تؤشر على عين الماء، والجسوس، عين الفرس، عين الأسد... والفرس مؤشر على العنترية "عنترة" والاقدام والشجاعة...
دراسة الغلاف:
يوحي الغلاف الى البحر وخلفه نخيل وحصان في شكل دائرة، وفي زمان غروب الشمس وكلها عناصر تأثث فضاء الصورة، أما الألوان فتبقى غامضة تحمل القارئ الى مكان مجهول، يغلب عليها الانغلاق وخاصة اللون الأسود، وتبقى كلها أمور تتسم بالإغراء والتأثير عن القراء / المتلقين.
فرضية النص:
انطلاقا مما سبق يُنتَظَرُ من المُؤَلف أن يتحدث عن أحداث تدور في مكان يطلق عليه عين الفرس.
القراءة التحليلية:
أحداث الرواية:
× رأس الحكاية (ع):
ما يلفت انتباهنا "منذ البداية" توظيف السارد ثنائية الحياة والموت، التي ما فتئِت تثير شوق واشتياق القارئ في قالب عجائبي، حيث استهل الحكي بذكر مكان مجريات الأحداث وهو اسم مستعار من الأمكنة القديمة اسمها الإمارة، وتحديد الزمان التي حرت فيه وقائع الأحداث سنة 2081، وهو يأشر الى استشراف المستقبل. وتحكي الرواية عن استدعاء الأميرال أبو سعيد بن سعيد راوي الحكاية الى المجلس بعد اعتكافه في المنزل لمدة عام، قصد إلقاء حكاية باعتباره من كبار حِكوات القصر، واسترسل الحكواتي في الحديث مع مؤنس الأمير حول أسباب غيابه دون أن يلج الى صلب الحكاية، وأفراد المجلس ينتظرونه بشغف توهج الحكواتي، لكن ظل يناور؛ لأنه لم يعد قادرا على الحكي حتى أسر الأميرال على سرد الحكاية التي اتخذ لها عنوان ولد الضال والرجل الطيب.
لكن سرعان ما تسلل الى المجلس شخصية طيف محمد النفال.
× الحكاية الثانية (ي):
ما تزال البنية الحكائية العجائبية ترافقنا في الحكاية في الحكاية الثانية، تؤشر على البعد العجائبي في المتن الحكائي منذ فصل رأس الحكاية، لكن تبقى الوظائف العجائبية مختلفة ومتنوعة عن نظيرتها الأولى.
تحاول الحكاية الثانية مقاربة مكون عجائبي من خلال محاكاة شخصيات نابعة من الواقع المعاش، وما يكتنفه من صراع اجتماعي، بدءً بحكي المهدي السلوقي ما وقع للطاهر المعزة وزوجته أثناء لقائه حميد ولد العوجة، يعد أن يستيقظ هذا الأخير متأخرا، لم يجد زملاءه، فانتابه ضرم شديد، الشيء الذي دفعه الى اصطياد السمك في محيط الحر، وبعد برهة سمع أصوات، رمى نظراته اتجاه البحر، ورأى سفينة ضخمة، شكلت الرعب والخوف خاصة الفار الذي أنار محيط البحر.
التقى حميد ولد العوجة في الشاطئ الطاهر المعزة، وهو يراقب السفينة، وبعد أخذ رد في الكلام استفسر الطاهر قائلا:
- أريد بعض السمك، إذا به يتفاجأ بخبر حميد ولد العوجة مفاده وجود البسطيلة والمشوي يلقي بها الركاب في المحيط.
× الحكاية الثالثة (ن):
تروي أحداث الحكاية الثالثة قصة "الولد الضال"، فبعد انصراف الراوي الى المنزل، تفاجأ بقدوم أعوان الملك "الأميرال" الى منزل الحكواتي، وأخذه بالقوة من فراشه، بغية الاعتراف بالمنسوب اليه وهو اختفاء مكان عين الفرس، وقد أمر الأمير بجلده ونفيه.
الذيل والتكملة:
يستهل الراوي حكايته الأولى بوصف عين الفرس، وكيف أخرجه الصيادون من الكيس، ثم يستطرد أنه رأى الكثير من الناس، ويتصور أنه يعرفهم، وأنهم يعرفون صلته بالأمير، وأنهم سمعوا حكايته. كما قدموا له يد المساعدة، وفي الحكاية الموالية وهي الأكبر في الرواية يحدثنا صاحبنا عن أحداث تسعين يوما، وأهم ما طبع الحكاية هو الاخفاء المتواصل للناس، واستدعائه الى مخفر الدرك لاستنطاقه عما يعرفه عن عين الفرس، فما يصور لنا ما تقوم به ساكنة عين الفرس في فصل الربيع من احتفالات مستعطفين البحر لإطلاق سراح الغائبين، ومن مظاهر هذا الاستعطاف ان تأتي أكبر الفتيات سنا ثم تنادي على اسم الفتى الذي سيكون له زوجا ان رجع من البحر، ثم بعد ذلك يتم الشروع في ممارسة مجموعة من الطقوس التي لا تدل الا على تمسك المجتمع بالخرافة والاوهام، بل ان فتاة تقول: "إنها خطيبة حميد ولد العوجة"، أتت تخبره بعودته وانه على شاطئ لم يجدَا شيئا ولم تخلُوا الحكاية من تساؤل وتأمل عم مدى صلتها بالواقع، لذلك نجدها زاخرة بمفاهيم من قبيل: المعقول ولا معقول/ الحقيقة، الواقع/ الخيال/ فكر/ شعور...
وتأتي الحكاية الأخيرة لتخبرنا بمرور مدة الحكم بثلاثة أيام، وسبب انقلاب الأمير أبو المجد وأبي العز بن سعيد على نظام أبي سعيد بن سعيد.
تحديد الزمان والمكان:
تبدأ الرواية بفضح اللعبة الروائية وتحديد زمان الحكي وفضائه، الذي اتسم بالغرائب والعجائب، أو ما يطلق عليه فضاء فنطاستيكي 2081 بإحدى الامارات الكئيبة المتشردة في الوطن العربي، إذ سيحكي السارد للقارئ أحداثا غريبة تعبر عن أحوال العمران.
- الحكي: تجري الاحداث في فضاء إمارة، زمان توالي الجفاف، حيث يتم استدعاء الراوي الذي تغيب مدة طويلة عن مجلس الأمير أبي السعيد بن سعيد من قِبَلِ الأمير لتقديم حكايته أو خرافة للمتعة، لكن الراوي يتضايق من الطلب لأنه يرى صعوبة في الحكي ولأنه صارت له فكرة مغايرة عن الحكي عن تلك التي كانت عنده سابقا. لكن إصرار الأمير وكبير المؤنسين يجعله ينصاع للأمر، ويحكي حكاية الولد الضال والرجل الطيب.
- ممارسة الحكي: يقوم المهدي السلوقي بحكي ما حدث للطاهر المعزة وزوجته مع حميد ولد العوجة لصديقه محمد النفال، ويتبين في النهاية أن هذه الحكاية قد حكاها محمد النفال للراوي "ابن شهرزاد الأعور"، الذي اضطر لحكايتها للأمير تحت عنوان "الولد الضال والرجل الطيب".
- الاعتقال بسبب الحكي: بعد انتهاء الراوي من حكاية قصة الولد الضال، وانتهاء مجلس الأمير، يذهب الراوي الى بيته، وهو نائم يتم إيقاظه بعنف، ويستدعى الى دوان الأمير حيث يتم جلده، ويستنطق عن الحكاية التي حكاها، وعن المكان الذي توجد فيه عين الفرس، لكن الراوي يقسم أنها كانت حكايته، ولا يعرف إن كانت واقعا أم لا، لكن الجلاد وكبير المؤنسين يخبر أنه كان يعرف مكان عين الفرس، وأنها في إحدى الامارات التابعة للأمير، وأنه أخفى ذلك، لأن الوقائع التي حكاها مطابقة لما جرى فيها، فيحكم بأن يفنى الى عين الفرس، ويكمم فمه، ويعلق السم في عنقه، لكي يؤتى به بعد ثلاثة أشهر، ليشرب السم أمام الأمير.
- النفي في فضاء الحكي: ينفى الراوي الى فضاء الحكاية، وقد صار واقعا، وفيها يتم وصف مدينة عين الفرس، ويقوم الصيادون بإخراج الراوي من الكيس، فيرى الناس على الشاطئ، ويتصور انه يعرف الكثير منهم، وهم يعقلون عليه وعلى صلته بالأمير، وأنهم سمعوا حكايتهم.
القوى الفاعلة في الرواية:
الشخصيات:
الأمير وحاشيته، كبير المؤنسين، المغنية، الجلاد، الشرطة، الراوي ابن شهرزاد الأعور، محمد النفال، المهدي السلوقي، صالح الرعدة، الأميرال أبو السعد بن سعيد، أبو المجد بن سعيد، أرباب السلطة...
الجمادات:
عين الفرس، الحر، السفينة، الشاطئ، السمك، سكان الإمارة، الأخضر واليابس، السباحة...
القيم والأحاسيس:
الجوع، الفقر، الهجرة، الأمل، الوهم، الاختلاف والكذب، الحرية، التعب، العزوف.
الشخصيات صفاتها وأفعالها:
وظف الكاتب شخصيات غريبة، تحمل دلالات عجيبة انطلاقا من استنطاقها وتقديم أوصاف لها، التي تتسم غالبا بالمفارقة والصخرية وأفعالها تنم عن أفعال عجيبة وغريبة مثل:
- محمد بن شهرزاد الأعور: الذي يشير الى شخصيات ألف ليلة وليلة، ويحمل في طياته مفارقة بين الانسان المثقف والأعور.
- الطاهر المعزة: دلالة على استسلامه.
- حميد ولد العوجة: دلالة على الانحراف والضلال.
- صالح الرعدة، محمد النفال، المهدي السلوقي، الأميرال أبو سعد بن سعيد: كل هذه الأسماء مقترفة بأوصاف صاخرة قائمة على التهكم.
ويمكننا جمع هذه الشخصيات بحسب أفعالها وأدوارها في الرواية الى ثلاثة دوائر:
- الدائرة الأولى: الأمير وحاشيته، يعيشون حياة البذخ والطرف "مجالس الأكل والغناء"، والرغبة في الاستمتاع بحكي الخرافات.
- الدائرة الثانية: الراوي ابن شهرزاد الأعور، محمد النفال، المهدي السلوقي، الأول زهد في حياة الراوي الذي يخدم الأمير وتعب في مساهمة في نشر الخرافة.
- الدائرة الثالثة: حميد ولد العوجة، الطاهر المعزة وزوجته، وصالح الرعد وكل سكان الإمارة "عين الفرس". أتى الجفاف على كل شيء في هذه الإمارة، وصار الجوع مهيمنا وسائدا على طول الإمارة وعرضها، وتضرر منه كل السكان.
تحديد البعد النفسي في رواية عين الفرس:
بعد تحليلنا للرواية عين الفرس للكاتب الميلودي شغموم، يمكننا القول أن الرواية تحمل أبعاد نفسية، تتمثل في توظيف الكاتب لشخصيات متناقضة من قبيل نفسية المثقف الممزق الذي يحس بالذل والاغتراب الذاتي والاخفاق وخيبة الأمل في السلطة، بعد أن حاول ربط الصلح معها، وكذا نفسية الحاكم التي تتسم بالغدر والخوف والتقلب والصراع الذاتي وتوجس من الآخرين، واستعمال العنف والقهر للبحث عن الاستقرار النفسي والأمان الوجودي، وإذا انتقلنا الى كبير المؤنسين؛ فنفسيته قائمة على النفاق والاستهتار والقمع والقهر ولو على حساب الإنسانية والآخرين. أما باقي الشخصيات الأخرى فهي بسيطة ومسالمة تتسم نفسيتها بالخوف والقلق واليأس والمعاناة من شدة الجفاف وشدة الفقر مما جعل الواقع الموبوء يلتجئ الى الخرافة والأساطير بغية الخروج من دواليب الحياة ومطالباتها.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا