مكون النصوص:
اللحن الجديد:
مقدمة:
عرف العالم العربي منذ القدم أشكالا من الفرحة المسرحية ومارسها عبر أنواع مختلفة مثل الحلقة، خيال الظل، سلطان الطلبة...، إلا أنه لا يمكن الحديث عن بداية فعلية لفن المسرح العربي إلا في منتصف القرن 19م بفعل الاحتكاك بالحضارة الغربية وترجمة أعمال أدباءها على يد مجموعة من الرواد كمارون النقاش ويعقوب صنوع... .
وتتجلى خصوصية العمل المسرحي في أنه يتكون من نص وعمل مشخص. كما يتميز عن غيره من الفنون لاعتماده على مجموعة من العناصر الفنية مقدمتها الحوار والصراع الدرامي.
ومن أهم الكتاب المسرحيين العرب: توفيق الحكيم، محمد المسكين، طيب الصديقي، عبد الكريم برشيد... .
فما هو الموضوع الذي تتناوله هذه المسرحية؟ وما هي خصائصها الفنية؟
أنشطة الملاحظة:
صاحب النص:
توفيق الحكيم هو من رواد المسرح العربي ولد بمدينة الإسكندرية بمصر، وبعد إنهاء مراحله الدراسية سافر الى فرنسا لاستكمال دراساته العليا في الحقوق، غير أن ميوله الفني والأدبي حال دون ذلك حيث حفزه على ارتياد متاحف باريس ومسارحها لمتابعة أعمالها وعرضها... .
ومن أهم أعماله المسرحية: "أهل الكهف"، شهرزاد"، الملك أوديب"، "يا طالع الشجرة"... .
قراءة العنوان:
يتكون العنوان من كلمتين "اللحن الجديد"، ويحيل لفظ "اللحن" الى الموسيقى، وقد ارتبط بلفظ "الجديد" لأنه ابداع لموسيقي حديث التأليف.
فرضية النص:
من العنوان وبداية النص نفترض أنه سيتحدث عن الهدايا التي قدمها الزوج لزوجته بمناسبة مرور شهرين على زواجهما.
أنشطة الفهم:
تلخيص أحداث المسرحية:
تكشف لنا هذه المسرحية الستار عن حياة زوجين يسكنان في شقة جميلة على النيل هما حمدي ووجدان ويحتفلان بشهر عسلهما الثاني كما تكتشف أيضا انزعاج الزوج حمدي من حماته التي تستفزه كل مرة وتحرجه بأسئلتها، ثم محاولة الزوجة تهدأ زوجها لكنها فشلت في ذلك.
الخطاطة السردية:
تنتظم أحداث هذه المسرحية وفق المتواليات الآتية:
- وضعية البداية: احتفال الزوجين بمرور شهرين على زواجهما.
- وضعية الوسط:
- الحدث الطارئ: ملاحظة الزوج شرود زوجته.
- تطورات الأحداث: × سؤال الزوج زوجته عن سبب شروده. × اتهام حمدي لحماته بتغيير أحوالهم الروحية. × تقديم الزوجة تبريرات للدفاع عن أمها.
- النتيجة: محاولة وجدان تهدئة زوجها.
- وضعية النهاية: فشل الزوجة في تغيير رأي الزوج في حماته.
أنشطة التحليل:
القوى الفاعلة:
ساهمت مجموعة من القوى الفاعلة في تطور أحداث هذه المسرحية، والتي تنقسم الى:
قوى فاعلة آدمية، تتمثل في:
الزوج حمدي: يعمل ملحنا بسيطا، يحب زوجته ولكنه منزعج بتصرفات حماته.
الزوجة وجدان: زوجة متفهمة وهادئة، حكيمة ولكنها مترددة وحائرة بين إرضاء زوجها أو الانحياز الى والدتها.
الحماة: أم وجدان، تهتم بالجاني المادي، متطفلة، وكثيرة الانتقاد.
وترتبط بين حمدي ووجدان علاقة زواج وحب، بينما تربط بين حمدي والحماة علاقة كره وصراع.
وقوى فاعلية غير آدمية، تتجلى في:
الشرود والقلق: فشرود وجدان أثار اهتمام الزوج ودفعه الى توجيه أصابع الاتهام الى الحماة.
الأزهار واللحن الجديد: هي الهدايا التي قدمها حمدي الى زوجته عربون المحبة والوفاء.
إضافة الى الشقة والبيانو وانتقادات الحماة والوضعية الاجتماعية للزوج ... .
النموذج العاملي:
من خلال تتبعنا لمختلف العوامل المساهمة في تطور أحداث المسرحية يمكننا أن نميز بين ستة أدوار عاملية هي:
العامل المرسل: الحب، القلق من تأثر الزوجة بتصرفات والدتها، شرود الزوجة.
العامل المرسل إليه: الزوجين.
عامل الذات: الزوج.
عامل الموضوع: اسعاد الزوجة أو تحقيق السعادة الزوجية.
العامل المساعد: الأزهار والألحان.
العامل المعارض: الحماة والوضعية الاجتماعية للزوج.
دراسة الفضاء:
أ. الزمان:
إذا انتقلنا الى دراسة الزمن نجد أن أحداق هذه المسرحية تجري في الشهر الثاني بعد زواج حمدي ووجدان وهو ما يدل على أنهما حديثي عهد الزواج. ونلاحظ توظيفا لزمن استرجاعي في المسرحية (والدتك تكرهني منذ عقد القران أتذكرون يوم قال المأذون لقد ظهر عليها الارتياح...).
ب. المكان:
أما المكان فهو شقة تطل على نهر النيل في أحد أحياء مصر الراقية وفي ذلك إشارة الى محاولة الزوج إرضاء حماته ولو فاقا ذلك إمكاناته المادية.
وظيفة المكان:
وقد لعبت هذه المؤشرات الفضائية دورا كبيرا في تأطير أحداث المسرحية والتعريف بأحوال الشخصيات كما أوهمت القارئ بواقعية الأحداث.
الحوار:
يحظى الحوار بأهمية كبرى للفن المسرحي، فهو التقنية الأساسية التي بفضلها تتنامى الأحداث وتنتقل مواقف الشخصيات وأحاسيسها وانفعالاتها، فالنص المسرحي يتجاوز الأسلوب السردي ليركز على الجمل والتعابير التي تتبادلها فينا بينها.
المقارنة بين الحوارات:
نلاحظ في المسرحية الحكيم طول حوارات الزوج لكونه ضاق درعا من تصرفات حماته فقدم كلما يمكنه من حجج وأدلة توضح اتهاماته. أما الزوجة فتقتصر تدخلاتها على الانكار لأنها لا تملك ما تدافع به عن والدتها.
الإرشادات المسرحية:
ويكاد لا يخلو أي حوار مسرحي من الإرشادات المسرحية التي تساعد على معرفة الظروف المحيطة بالشخصيات والحوار.
ومن أمثلة الإرشادات المسرحية الواردة في هذا النص:
"شقة جميلة على النيل ... حمدي أمام بيانو كبير يجري أصابعه عليه ... ووجدان تنسق الأزهار ..."، "شاردة فجأة".
مما ساعد تأطير أحداث المسرحية مكانيا كما نقل لنا وضعيات الشخصيات وأفعالها وانفعالاتها.
الأساليب:
كما يتميز هذا النص بهيمنة الأساليب الإنشائية التي ساهمت في تطور الأحداث وعملت على ضمان استمرار الحوار. ومن أمثلة هذه الأساليب:
الاستفهام: "وهل استمعت الى كلا ملء".
النهي: "لا تثر هذه الموضوعات".
علامات الترقيم:
كما يسترعي انتباهنا الى الحضور المكثف لعلامات الترقيم من علامات الاستفهام وتعجب ونقاط حذف، هذه الأخيرة عملت على اشراك القارئ في العملية الإبداعية من خلال توقع وتخيل الأحداث.
الصراع الدرامي:
كما يتميز هذا النص المسرحي بالصراع الدرامي، وهو صراع خارجي بين وجدان وحمدي حول تصرفات الحماة، فالزوج يتهم الحماة في توتر علاقتهما، وقدم حججا تتمثل في رفض الحماة لشقتهما القديمة وزواجهما، أما وجدان فقد اكتفت بإنكار هذه التهم لأنها لا تملك ما تدافع به عن والدتها. وقد انتهى الصراع بنجاح الزوجة في تهدئة حمدي رغم فشلها في إقناعه بتغيير موقفه من والدتها.
الأبعاد الاجتماعية:
تعالج هذه المسرحية مجموعة من القضايا الاجتماعية كالمشاكل الأسرية التي تنجم في غالب الأحيان عن تدخل أسرة الزوجين في شؤونهما مما قد يؤدي الى فشل هذه العلاقة.
وأثر الوضعية الاجتماعية على الحياة النفسية والاجتماعية والاقتصادية للفرد، فانتماء حمدي الى الطبقة المتوسطة كان سببا في انتقاد الحماة له وتوتر علاقته بزوجته مما جعله في قلق دائم.
الأبعاد النفسية:
كما توضئ هذه المسرحية جوانب نفسية مختلفة تميز النفس البشرية كالحب الذي يدفع بالإنسان الى تحمل مختلف التحديات والاكراهات، إضافة الى القلق والشرود والتوتر الذي يرتبط بالوضعية الاجتماعية والاقتصادية للفرد...
مدى تجسيد فن المسرح للواقع وقضايا المجتمع:
يعد المسرح من أكثر الفنون قدرة على التعبير عن الواقع فهو إطار ناقل لنبض المجتمع منفتح على قضايا سياسية وفكرية، قادر على أن يكشف أحوال النفس البشرية ويرصد مشاكل المجتمع وهموم الانسان، وهو شكل فني تمكنه طبيعته من الانفتاح على باقي الفنون الأخرى من موسيقى وقصة ورقص وغيرها... .
تركيب:
إذا فهذه المسرحية تتحدث عن الزوجين حمدي ووجدان اللذين تأثرت علاقتهما سلبا بسبب تدخلات الحماة في شؤونهما وقد حاول الزوج إبراز ذلك من خلال تقديمه لمجموعة من الحجج والأدلة في حين اكتفت الزوجة بتبرير تصرفات والدتها.
وقد صاغ الكاتب هذا النص في قالب درامي مسرحي معتمدا على الحوار والصراع الدرامي وموظفا مجموعة من الأساليب الإنشائية وعلامات الترقيم مما ساهم في ضمان اتساق هذا النص.
وقد جسد هذا النص فن المسرح باحترامه للخصائص الفنية والتعبيرية لهذا الفن في مقدمتها الحوار والصراع الدرامي، فضلا عن توفر على عناصر القصة من أحداث وشخصيات وزمان ومكان (زمكان).
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا