تحضير درس في مادة التربية الإسلامية - مدخل التزكية - سورة الكهف ( الجزء الثاني: من الآية 27 الى الآية 44 ) - جذع مشترك | secondaire

 

مجزوءة الفلسفة:

مدخل عام:

الفلسفة منتوج  ثقافي انتجه نشاط الانسان العقلي، ولفظ الفلسفة ذو اصل يوناني يتكون من كلمتين: "فيلو \ philo" وتعني المحبة و"صوفيا \ Sofie" تعني الحكمة، أي محبة الحكمة او محبة المعرفة.

والحكمة هي تلك المعرفة التي يكونها الانسان عن ذاته وعن الطبيعة والعالم بما فيه من أشياء وظواهر (زلازل، براكين، حروب...)، وعليه فالفلسفة هي تفكير المغارب يقوم على استخدام العقل من اجل معرفة اصل الأشياء وتساهم كتفكير على ترسيخ بعض القيم الأخلاقية كالتسامح والتضامن.

من خلال الحديث عن الفلسفة او بمعنى آخر الفيلسوف الذي يعتبر أساس تطورها واستمرارها، فالفيلسوف اذن هو ذلك الشخص المحب للحكمة، مهمته هي محاولة تقديم أجوبة مقنعة عن أسئلة كبرى التي تجعل الانسان يشعر بنوع من الحيرة والقلق، ومن بين هذه الأسئلة التي يهتم بها الفيلسوف: من نحن؟ ومن اين اتينا؟ لماذا نحن هنا؟ والى ايم المصير؟.

إذا طانت الفلسفة هي محبة الحكمة وتعتمد على العقل فابن ظهرت؟ ومتى ظهرت؟ زمن هم الفلاسفة التي ظهرت معهم؟ وما الذي يميز الفلسفة عن التفكير ما قبل الفلسفي؟ وما هي المحطات التي مرت بها الفلسفة عبر تاريخها؟ وما هي اهم أدوات فعل التفلسف؟ و ما هي علاقة الفلسفة بالقيم؟.

المحور الأول: نشأة الفلسفة:

تقديم:

إذا تأملنا في كلمة فلسفة نلاحظ انها تسمى في جميع اللغات "الفلسفة"، فهي في اللغة العربية تسمى فلسفة وفي اللغة الفرنسية "la philosophie"، هذا اللفظ ينحدر من اصل اغريقي يوناني عرفت مجموعة من التطورات على مستوى تعريفها وكذلك موضوعها بداية من عصر نشأتها وصولا الى العصر الحالي.

ان الفلسفة عند اليونانيين تدل على نمط خاص من التفكير، ولكي نعرف متى ظهرت أين وكيف؟ سنحاول ان نعرج على مجموعة من العتبات لنكون فكرة عنها، مما يساعدنا على فهم المصار التي مرت منه الفلسفة.

1_اطار النشأة:

1. المكان:

ظهرت الفلسفة في بلاد اليونان (أثينا عاصمة اليونان) التي تحدها شمالا مقدونيا وجنوبا جزيرة كريت، كما تحدها شرقا اسيا الصغرى وغربا إيطاليا.

2. الزمان:

ظهرت الفلسفة في القرن السادس قبل الميلاد كنمط من التفكير (الحكمة)، حيث يقوم وضع جدار مع التفكير الأسطوري الذي كان سائدا من قبل، فظهر الحكماء الأوليين من بينهم "طاليس، أنكسمانس، أنكسماندر" في مدينة مالطيا التي تتواجد في ضفاف آسيا الصغرى، بينما الظهور والنشأة الحقيقية للفلسفة ظهرت في أثينا خلال القرن الرابع قبل الميلاد مع كل من "سقراط، أرسطو، أفلاطون".     

2_الفلسفة في مواجهة الأسطورة:

1. استثمار نص "جون بيير فرنان":

- تعريف صاحب النص:

جون بيير فرنان: مؤرخ فرنسي معاصر، اهتم بالفكر الفلسفي اليوناني وبأصوله. من أهم مؤلفاته: "أصول الفلسفة الاغريقية" و "الأسطورة والفكر عند الاغريق".

- شرح المفاهيم:

ـ ميثوس:  كلمة يونانية تعني الأسطورة وهي مجموعة من الاعتقادات والتصورات والحكايات والقصص الخيالية للإنسان حول ذاته والطبيعة والكون، كقولنا مثلا: "المطر دموع الآلهة".

ـ لوغوس: كلمة يونانية وهي تعني الخطاب لما هو قول منظم ومتماسك تعني المبدأ والعقل والعلم، واللوغوس يأتي في المقابل الميثوس.

ـ انطولوجيا: هي علم الوجود او مبحث الوجود الذي يهتم بدراسة الوجود واشكالاته.

ـ البرهان: قول ينبني على مقدمات يقينية من خلالها نصل الى نتيجة متضمنة في المقدمة.

ـ الاستدلال: قول منطقي يعتمده الفيلسوف او العالم لإثبات فكرة ما نتيجة معينة.

- اشكال النص:

ما أوجه التقابل بين كل من الميثوس واللوغوس؟.

- أطروحة النص:

يتحدث جون بيير فرنان في هذا النص عن مجموعة من الشروط والعوامل التي أدى تفاعلها الى إحداث تغيير هام في الفكر الاغريقي الذي تجاوز مرحلة الأسطورة ليحل محلها خطاب مكتوب يعتمد على البرهان والاستدلال ومخاطبة العقل، وهو ما يعرف بالفلسفة.

2.التقابل بين الميثوس واللوغوس:

× الميثوس "مجال الأسطورة":

- الخطاب الشفوي.

- غياب القواعد.

- المحاجة البلاغية.

- المجاز \ التشبيه.

- فكر بلاغي وخيالي.

- الحكي والسرد.

- القوى الإلهية ومغامرتها الدرامية.

- اثارة اللذة والتأثير في المستمع بطريقة سحرية.

× اللوغوس "مجال الفلسفة":

- الأدب المكتوب.

- مفاهيم مجردة.

- مجموعة من القواعد.

- الدقة في الاستدلال.

- الاستنتاجات الرياضية.

- عبارات انطولوجية.

- البرهان القائم على المحاجة.

- الكيانات المجردة.

- الفكر النقدي.

- معقولية برهانية.

3_العوامل التي ساهمت في ظهور الفلسفة في بلاد اليونان:

1. العامل الثقافي:

- الانتقال من التفكير الشفوي الى الأدب المكتوب -تعلم القراءة والكتابة-

- انتشار المسرح والأدب والابداعات الفنية.

- ازدهار العلوم.

2. العامل الجغرافي:

- موقع أثينا الاستراتيجي جعل منها الباب الرئيسي الذي يعبر منه سكان اليونان الى آسيا واروبا.

3. العامل السياسي:

- انتقال النظام السياسي الى نظام الاولفاتشي.

- مشاركة الجميع في السلطة والحكم.

- أهمية ساحة الأغورة  في انتاج وتفعيل الديمقراطية.

4. عامل التجاري:

- ازدهار الفلاحة والصناعة والتجارة.

- تحقيق نوع من الاكتفاء الذاتي على مستوى الفلاحة.

- تطوير الملاحة البحرية عن طريق تحويل الاسطول البحري الى اسطول تجاري.

استنتاج:

ان نشأة الفلسفة ما كانت لتحدث لو لم يتم تجاوز التفكير الأسطوري القائم على الحكي والسرد والخيال والأدب الشفوي  والمحاجة البلاغية... الى التفكير الفلسفي القائم على البرهان والحجاج العقلية والاستدلال والاستنتاجات الرياضية. والذي أدى الى هذا الانتقال والتجاوز هو تظافر مجموعة من الشروط  والعوامل أبرزها العامل السياسي الذي يتجلى في النظام الديمقراطي لبلاد اليونان، حيث كان يسمح للحوار والجدل في كل القضايا وخاصة المتعلقة بالشأن العام.