المحور الثاني: محطات من تاريخ الفلسفة:
الفلسفة المعاصرة:
تقديم:
غالبا ما يربط مؤرخ الفلسفة، بداية الفلسفة المعاصرة بالنصف الثاني من القرن 19م ومن أهم الأحداث التي عرفتها الفلسفة المعاصرة هناك حدثان بارزان:
- يتمثل الأول في الثورة العلمية في مجال العلوم الدقيقة كالرياضيات والفيزياء والبيولوجية.
- ويتمثل الثاني في ظهور ما يسمى بالعلوم الإنسانية كعلم النفس وعلم الاجتماع والأنثروبولوجيا.
لقد استفادت الفلسفة المعاصرة من هاذين الحدثين فاتجه اهتمامها الى دراسة ونقد المعرفة العلمية في إطار ما يسمى بالدراسات الأبستمولوجيا، كما اتجه اهتمامها ثانيا الى دراسة الانسان والاهتمام بقضايا أساسية كمسألة الإدراك والوعي وعلاقتها بالعالم، وكدلك البحث عن معنى الوجود الإنساني، ومعالجة قضايا الانسان السياسة والاجتماعية، كما يمكن أن تشير أيضا الى اهتمام الكثير من الفلاسفة المعاصرين بنقد المفاهيم الكلاسيكية بهدف تجاوز الفلسفة الميتافيزيقية وإعادة الاعتبار بالجوانب المهمشة ولا مفكر فيها.
إذن من هم أهم التيارات الفلسفية التي ظهرت مع الفلسفة المعاصرة؟ وما هي أبرز القضايا التي عالجتها في هذه الفترة؟.
بعض مدارس الفلسفة المعاصرة:
× المدرسة الوجودية:
"جان بول سارتر، مارتن هايدجر، كارل ياسبرز..."
- تتمحور فلسفة هذه المدرسة حول الانسان، حياته، وجوده، علاقته بالغير، علاقته بالحرية...
× المدرسة البرجماتية:
"وليام جيمس، جون ديوي..."
- ظهر هذا التيار في الولايات المتحدة الأمريكية.
- الحقيقة تكون صادقة عندما تكون مفيدة، ومعنى ذلك أن النفع والضرر هما اللذان يحددان الأخذ بفكرة ما أو رفضها...
× المدرسة الوضعية:
"أوجست كونت"
- معيار التحقق يفصل بين العلم واللاعلم.
- كل المعارف صادرة عن التجربة، وترفض ارجاعها الى نور العقل.
استثمار نص راسل:
صاحب النص:
برتراند راسل: فيلسوف وعالم انجليزي، اهتم بالدراسات المنطقية والأبستمولوجيا، كما اهتم بقضايا ومشكلات الفلسفة، من مؤلفاته: "مبادئ الرياضيات" و "مشكلات الفلسفة".
أفكار لنص:
1_ تبيان راسل لميادين المعرفة التي لا تدخل ضمن مهام الفلاسفة وهي علم الفلك وعلم التشريح والميكانيك إضافة الى الديناميك.
2_ يرى راسل أن الفلسفة تشتغل في مناطق لا يستطيع العلم أن يقدم بصددها معرفة يقينية لأن العلم يرتبط بمشاكل وحاجات الإنسان.
3_ احتضان الفلسفة كل العلوم في بدايتها واستقالة هذه العلوم بمجرد وضع قواعد متينة وبناء منهج خاص بها.
4_ الفلسفة مغامرة فكرية يستهدف من خلالها الفيلسوف البحث عن الحقيقة لذاتها وليس لغرض آخر.
اشكال النص:
ما العلاقة بين الفلسفة والعلم؟ أين ينتهي العلم؟ وأين تبدأ الفلسفة؟.
أطروحة النص:
يبين راسل ان جميع ميادين العلم كانت مرتبطة بالفلسفة ولكن عندما أصبحت هذه العلوم مرتكزة على أسس متينة استقلت عنها وأصبح العلم يهتم بدراسة الأشياء والظواهر مثل: الآلات والانسان والكواكب.
بينما الفلسفة مغامرة استكشافية تهدف الى إنارة طريق العلم وتبحث في مشكلات توجد على حدوده وتهتم بمنهجه.
استنتاج:
يمكن القول بأن العلاقة بين الفلسفة والعلم هي أهم القضايا الأساسية التي تناولتها الفلسفة المعاصرة، حيث قدم راسل إحدى الإجابات الممكنة لهذه العلاقة من خلال تركيزه عن بعدين أساسين:
- الأول: بُعد نقدي حيث تعالج الفلسفة قضايا العلم ذاته "الأبستمولوجيا".
- الثاني: بُعد تأملي تتجه في الفلسفة الى النظر في ما لا يمكن للعلم أن يبحث فيه، كالقضايا الكبرى المصيرية التي تهم الانسان "الأنطولوجيا".
خلاصة تركيبية:
يتبين من خلال النماذج الفلسفية التي تناولها، بأن هناك لحظات فلسفية مختلفة نرت منها الفلسفة عبر تاريخها، فكل لحظة عالجت بأسلوبها الخاص إشكالا فلسفيا كما وظفت مفاهيم خاصة بها.
بالنسبة للعصر الوسيط "الفلسفة الإسلامية" عالج الفيلسوف ابن رشد اشكال العلاقة بين الفلسفة والدين، إذ اعتبر أن العلاقة بينهما هي علاقة توافق وانسجام وليست علاقة صراع وتضاد.
وفي العصر الحديث، تناول رونيه ديكارت؛ كنموذج للفلسفة الحديثة، اشكال العلاقة بين الفلسفة والمنهج، معتبرا أن الفلسفة تفكيرا عقليا، يفترض ان يطع العقل لذاته قواعد منهجية تعصمه من الوقوع في الخطأ.
وفي الفترة المعاصرة، نجد الفيلسوف راسل كنموذج يتناول اشكال علاقة الفلسفة بالعلم، حيث يرى بأن العلم لا يستطيع أن يقدم أجوبة نهائية عن أسئلة تتجاوز حدوده الواقعية، فالفلسفة وحدها قادرة على تأمل واستكشاف المناطق المجهولة، ولذلك تصبح للفلسفة وظيفتين هامتين، وظيفة أبستمولوجيا نقدية تتوجه الى قضايا العلم. ووظيفة انطولوجيا استكشافية تتوجه الى القضايا المصيرية التي تهتم بالوجود.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا