المجزوءة الأولى:
الشعر العربي الحديث:
من احياء النموذج الى سؤال الذات:
تموز جيكور:
تقديم:
لم يتوقف خط التطور الذي رسمته حركية الشعر حيث توقف الرومانسيون بل انه استمر في التغيير والتحول استجابة لتحولات المجتمع وتفاعلاته، وكان من الضروري بروز خطاب جديد كون رؤية جديدة للشعر والأدب متأثرا بأدباء وشعراء الغرب أمثال توماس إليوت، وانضوى تحت رايته كثير من الشعراء كانت السمة المشتركة بينهم هي الحداثة والتمرد على النموذج الشعري التقليدي شكلا ولغة ومضمونا من خلال اعتماد الأسطر الشعرية المتفاوتة في الطول ونظام التفعيلة فضلا عن توظيف أساليب الانزياح والأسطورة والرمز.
ومن أهم شعراء هذا التيار نازك الملائكة وعبد الوهاب البياتي، أمل دنقل، أحمد عبد المعطي حجازي، صلاح عبد الصبور وصاحب القصيدة بدر شاكر السياب. وهو شاعر عراقي ولد سنة 1926م بقرية جيكور جنوب البصرة بالعراق، عرف اليتم والفقر والغربة والملاحقات بسبب نشاطاته السياسية المعارضة، أصيب بمرض أودى بحياته في سن مبكرة سنة 1964.
فإلى أي حد جسدت هذه القصيدة تيار تكسير البنية (الشعر الحداثي)؟
وما هي خصائصها الفنية والدلالية والتعبيرية؟
أنشطة الملاحظة:
شكل القصيدة:
بملاحظتنا لشكل القصيدة الهندسية نجد أن الشاعر قد نظم هذه القصيدة على نسق شعري مغاير للبناء العمودي التقليدي، فقد اعتمد نظام الأسطر الشعرية المتفاوتة في الطول والمختلفة الروي إضافة الى تقسيمه القصيدة الى عدة مقاطع.
دلالة العنوان:
ان العنوان "تموز جيكور" فيضم كلمتين هو إلاه الخصب والحياة والانبعاث في الأسطورة البابلية، "جيكور" قرية الشاعر تقع جنوب البصرة بالعراق.
وانطلاقا من العنوان وبداية القصيدة نفترض أن الشاعر سيعبر عن معاناته مستلهما أسطورة تموز.
أنشطة الفهم:
الوحدات الدلالية:
- يستهل الشاعر القصيدة بالتعبير عن معاناته بسبب المرض موظفا أسطورة تموز.
- ثم ينتقل الشاعر عن قريته جيكور حيث ترقب ولادتها وازدهارها لكنه سيظل أسير معاناته بسبب المرض.
- وفي المقطع الأخير نجد الشاعر يتراجع عن حلمه مستعينا ولادة جيكور بسبب مرضه وترقبه للموت، فمصير القرية مرتبط بمصير الشاعر.
أنشطة التحليل:
الحقول الدلالية:
ويتوزع معجم هذه القصيدة الى حقلين دلالين هما:
× حقل الحياة والانبعاث: عشنار، نور، سبورق، ستولد، القمح...
× حقل الموت والدمار: ظلمة، يموت، موتي، العتمة، الدود...
ونلاحظ هيمنة حقل الموت على حقل الحياة، وهذا إن دل فإنما يدل على النظرة الاستسلامية التشاؤمية للشاعر بفعل صراعه مع المرض.
أما العلاقة التي تربط بين الحقلين فهي علاقة تضاد وتنافر، فالشاعر يبحث عن الحياة والانبعاث له ولقريته ليخلص الى استحالة ذلك، فالموت محيط به والدمار يعم قريته.
لغة النص:
قد وظف الشاعر لغة سهلة ومألوفة قريبة من لغة التداول إلا أنها تحمل معاني ودلالات إحيائية تحتاج التأويل.
الصورة المميزة للصور الشعرية:
ان ما يميز هذه الصور الشعرية هي خروجها من المألوف واتسامها بالغموض.
وظيفة الصور الشعرية:
قد أدت هذه الصور وظيفة تعبيرية جمالية فقد ساعدت الشاعر في التعبير عن معاناته فضلا عن كونها قد أضفت جمالا ورونقا على القصيدة.
الإيقاع الخارجي:
أما من الناحية الإيقاعية فقد اعتمد الشاعر على نظام التفعيلة بتوظيفه لتفعيلة "فاعلن" عددا مختلفا من المرات في كل سطر شعري حسب الدفقة الشعورية.
الإيقاع الداخلي:
كما وظف الشاعر روياً مختلفا (ب، ح، ف، م...) الى جانب مكونات الإيقاع الخارجي نجد أن الشاعر استعان بالإيقاع الداخلي من خلال توظيفه لأسلوب:
أ. التكرار:
- تكرار الحروف: (م، هـ، ب، ف...).
- تكرار العبارات: لو أسقى.
فضلا عن توظيفه لتكرار الترادف: (العتمة، الظلمة/ ينبض، يخفق/ تغر، فم).
ب. التوازي:
هيهات التولد جيكور
هيهات أينبثق النور
وقد أسهم الإيقاع بنوعيه الخارجي والداخلي في إضفاء طابع موسيقي على القصيدة كما أكد على معاناة الشاعر.
الأساليب:
ونلاحظ أن الشاعر قد زاوج بين الأسلوب الخبري والأسلوب الإنشائي مع هيمنة الأسلوب الخبري لأن الشاعر يخبرنا عن معاناته بسبب المرض.
ومن الجمل الإنشائية الموظفة في القصيدة جملة النداء: "يا جيكور"، وجملة الاستفهام: "أتولد جيكور؟" وجملة التمني: "لو أحيى".
والتي عملت على التعبير عن مشاعر الشاعر وأحاسيس الشاعر.
الجانب التركيبي:
أما من الناحية التركيبية نجد أن الشاعر قد مزج بي ضمير المتكلم العائد عليه وضمير الغائب العائد على القرية، مما يؤكد على أن الشاعر ملتزم بقضايا مجتمعه.
التركيب:
إذا فإن هذه القصيدة الحداثية عبارة عن تجربة ذاتية جماعية في آن نفسه، فالشاعر يعبر عن معاناته مع المرض من جهة ويبرز علاقته بقريته جيكور واستعداده للتضحية من أجلها من جهة أخرى.
وقد استعان بحقلين دلاليين هما حقل الحياة وحقل الموت، كما وظف مجموعة من الوسائل التعبيرية والصور الشعرية كالانزياح والتشبيه والاستعارة ومزج بين الأسلوبين الخبري والإنشائي مما أضفى دينامية وحركية على القصيدة.
مدى تجسيد القصيدة لتيار تكسير البنية:
فقد جسدت هذه القصيدة لتيار تكسير البنية شكلا ومضمونا وتعبيرا:
فعلى مستوى الشكل اعتمد الشاعر نظام الأسطر الشعرية المتفاوتة الطول والمختلفة الروي.
وعلى مستوى المضمون عبَّر الشاعر عن تجربة ذاتية جماعية.
أما على مستوى وسائل التعبير فقد توَسل الشاعر بآليات تعبيرية جديدة كالانزياح كما وظف لغة إيحائية، ومن الناحية الإيقاعية اعتمد نظام التفعيلة مع التنويع الروي والقافية.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا