مدخل التزكية في القرآن الكريم:
الشطر الأول من سورة يوسف من الآية 1 الى الآية 20:
"بسم الله الرحمن الرحيم الر تِلْكَ آَيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (1) إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآَنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ (3) إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (4) قَالَ يَا بُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (5) وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آَلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (6) لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آَيَاتٌ لِلسَّائِلِينَ (7) إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (8) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ (9) قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ (10) قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ (11) أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (12) قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ (13) قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ (14) فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (15) وَجَاءُو أَبَاهُمْ عِشَاءً يَبْكُونَ (16) قَالُوا يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِنْدَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (17) وَجَاءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (18) وَجَاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وَارِدَهُمْ فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى هَذَا غُلَامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضَاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (19) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (20)"
التعريف بسورة يوسف:
سورة يوسف مكية عدد آياتها 111، ترتيبها في المصحف 12. سبب تسميتها ورود قصة يوسف عليه السلام الكاملة فيها، والتي تعتبر من دلائل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم، فقد أسلمت طائفة من اليهود حينما سمعوا بها لمطابقتها لما ورد عندهم في التوراة. مضامينها وأحداثها تنسق عقيدة التوحيد وتدعوا الى القيم النبيلة.
نزلت السورة على النبي صلى الله عليه وسلم عام الحزن تسلية ومواساة له لما عاشه هذا العام من المحن والشدائد (وفاة زوجته خديجة رضي الله عنها وعمه أبي طالب واعتداء أهل الطائف عليه حينما دعاهم للإسلام).
قيل عن السورة لا يقرأ سورة يوسف محزون إلا سُرِيَّ عنه.
المعاني والدلالات:
- الر: من فواتح السور التي تعد من إعجاز القرآن.
- عربيا: بلغة العرب، لما في العربية من أدوات البيان والافهام، تكشف الابهام وترفع اللبس عن العقول.
- من الغافلين: لم تخطر ببالك ولم تسمعها إلا بعد الوحي.
- رأيت: من الرؤيا الخاصة بالنوم، وهي انطباع صورة متخيلة ذات معنى واضح أو خفي في الحس والإدراك، تحمل بشارة من الله تعالى أو تنبيها و تحذيرا.
- يجتبيك: يصطفيك ويختارك للحكم والنبوة.
- الجب: البئر.
- سيارة: جمع من المسافرين في قافلة.
- أسروه بضاعة: باعوا أخاهم سرا لوارِد البئر كما تباع البضائع المهربة.
مضامين مقدمة السورة:
تتضمن مقدمة سورة يوسف ما يلي:
- إعجاز القرآن الكريم الذي تحَدى به الله عز وجل العرب، تعد الأحرف المتقطعة "الر" من سور هذا الإعجاز.
- قيمة اللغة العربية التي تعتبر من أرقى اللغات في العالم وأوسعها، وتتميز بخصائص عديدة، فهي لغة القرآن ولغة أهل الجنة كما تعتبر أداة لفهم الدين.
- قيمة أسلوب القصة في التوجيه والإرشاد وترسيخ القيم النبيلة.
- الدعوة الى أخذ العبرة من أحداث التاريخ والأمم السابقة.
وقائع وأحداث المقطع الأول من القصة:
الآيات (4 - 6): رؤيا يوسف وتأويل يعقوب عليهما السلام لها وتحذيره له من كيد إخوته.
الآيات (7 - 10): تآمر الإخوة بالتخلص من أخيهم.
الآيات (11 - 14): محاولة الإخوة إقناع أبيهم لأخذ يوسف معهم بالنزهة واللعب.
الآيات (15 - 18): تنفيذ الإخوة لمكيدتهم وإخبارهم لأبيهم كذبا بأن الذئب أكل يوسف، وتكذيبه لهم.
الآيتان (19 - 20): إنقاذ القافلة ليوسف وتحوله من الحرية الى العبودية.
الدروس والعبر:
- يختار الله تعالى أنبياءه على أساس الصلاح والطهر والعفاف، وهذه الصفات تميز بها سيدنا يوسف من صغره.
- الرؤيا ثابتة وتعكس نفسية صاحبها وصلاحه أو فساده، كما تعكس درجة قربه من الله تعالى.
- رؤى الأنبياء حق وقد تكون وَحياً.
- وجوب الحفاظ على العلاقة الجيدة والصلة مع الإخوة رغم أداهم.
- بيان علم صحة التذكير التي يقصد المعصية ابتداءً والتوبة انتهاءً.
- وجوب الثقة بتدبير الله تعالى فقد حفظ يوسف بعدم قتله والاكتفاء بإلقائه في الجب.
- اتصف إخوة يوسف بصفات خبيثة ستكون وَبَالاً عليهم فيما بعد كالمكر والقسوة والغضب والخداع والكذب وخيانة الأمانة والغيرة والحسد والنفاق...
- الصبر الجميل هو الذي لا ترافقه شكوى الى الخلق.
- تتجلى عناية الله مرة أخرى في إرسال القافلة التي ستخرج يوسف من الجب المظلم الموحش الى القصر الرحب الفسيح، ومن جفوة الإخوة الى إكرام عزيز مصر، فتجربة العبودية محنة صياتها منح عديدة.
القيم المستفادة:
- التفكر في الآيات.
- المحبة.
- سلامة الصدر.
- الصبر واليقين.
- التوكل على الله.
- الثقة في تدبير الله.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا