تحضير درس في مادة التربية الإسلامية - مدخل التزكية - سورة الكهف ( الجزء الثاني: من الآية 27 الى الآية 44 ) - جذع مشترك | secondaire

 

مدخل الاقتداء:

صلح الحديبية وفتح مكة: دروس وعبر:

نصوص الانطلاق:

قال تعالى:"لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا" سورة الفتح، الآية 27.

قال تعالى:"قَالَ لاَ تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ" سورة يوسف، الآية 92.

المعاني والدلالات:

- محلقين رؤوسكم ومقصرين: يحلق بعضكم رأسه ويقصر البعض.

- لا تثريب عليكم: لا عتب عليكم ولا عقوبة بل أصفح وأعفو.

مضامين النصوص:

النص الأول:

تبين الآية صدق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم التي رآها قبل صلح الحديبية.

النص الثاني:

أهمية العفو عند المقدرة في تحقيق الصلح والحفاظ على الأواصر بين الناس.

صلح الحديبية: السياق، النتائج، الدروس والعبر:

أحداث صلح الحديبية وسياقه:

- تاريخه: ذو القعدة من السنة السادسة للهجرة (628م).

- مكانه: الحديبية منطقة عرب مكة.

- أسبابه: منع المشركين للمسلمين من أداء العمرة، وخوفهم لعد ما سمعوا ببيعة الرضوان.

- أهم الأحداث:

رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أنه هو والصحابة يدخلون البيت الحرام معتمرين، فأخبرهم واستبشروا وتجهزوا متوجهين الى مكة، إيمانا منهم بكون رؤى الأنبياء حق، وأحرموا بالعمرة، ولم تكن لديهم النية في القتال. ولما وصلوا الى الحديبية اعترضتهم قريش ومنعتهم من دخول مكة، فأرسل الرسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ليفاوضهم فتأخر وشاع خبر مقتله. فبايع الصحابة النبي على القتال وعدم الفرار تحت الشجرة وهي بيعة الرضوان. فخشيت قريش حينما سمعت بأمر البيعة فعقدت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلح الحديبية بشروط أبرزها:

• العودة دون أداء العمرة الى العام الموالي.

• وضع الحرب بين الطرفين عشر سنين.

• من أتى محمدا من مكة رده الى قريش، ومن أتى من مكة من عنده لم يردوه.

• من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه ومن أراد أن يدخل في عهد محمد دخل فيه. فدخلت خزاعة في حلف الرسول ودخلت بنو بكر في حلف قريش.

كانت هذه الشروط قاسية على الصحابة لدرجة أنهم لم يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم حينما أمرهم بالتحلل من العمرة (الحلق وذبح الهدي)، فأشارت عليه زوجته سلمة رضية الله عنها بأن يبادر ويتحلل دون أن يكلمهم ففعل وتبعه الصحابة وتحللوا جميعا.

النتائج والدروس والعبر:

× النتائج:

- دخول هيبة الإسلام في نفوس المشركين والمنافقين.

- قضاء العمرة في السنة السابعة من الهجرة مما أثر في نفسية قريش وسمح بحرية التنقل، وبدء نشر الإسلام بها مما أدى الى تضاعف عدد المسلمين.

- إسلام خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وهما من أبطال الإسلام.

- القضاء على الظلم والاستبداد والفساد في المجتمع الجاهلي.

× الدروس والعبر:

- رُؤَى الأنبياء حق ووحي.

- ثقة الصحابة في النبي صلى الله عليه وسلم وإسراعهم الى إتباعه بمجرد سماعهم للرؤيا رغم عدم معرفتهم بحقيقة تأويلها.

- التوكل على الله والأخذ بالأسباب من موجبات النصر مع الاستعانة بالدعاء.

- أهمية الصلح في فض النزاعات وحقن الدماء.

- استشارته صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وعمله بمشورتها دليل على احترام مكانة المرأة في الإسلام.

فتح مكة، دواعيه ونتائجه:

أحداث فتح مكة ودواعيه:

- التاريخ: 10 رمضان من السنة 8هـ.

- المكان: مكة المكرمة.

- الأسباب: نقض قريش لصلح الحديبية حيث نصرت قبيلة بنو بكر الموالية لها في حربها على قبيلة خزاعة الموالية للمسلمين.

- أهم الأحداث:

أعلنت بنو بكر الحرب على خزاعة وأعانتها قريش بالسلاح والرجال، واعتبر ذلك خرقا لبنود صلح الحديبية لأن الاعتداء على الحليف هو بمثابة الاعتداء على من يحالفه، وكان الإسلام قد انتشر بين أهل خزاعة. ولما خاف المشركون من عاقبة ما فعلوه، جاء أبو سفيان الى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم حبيبة زوجته وبنت أبي سفيان، ليطلب تجديد العهد.

أمر النبي أصحابه بالتجهز للحرب، وقام بعملية تمويهية حيث أرسل سرية في اتجاه آخر حتى لا تعلم قريش بمجيء جيش المسلمين.

وخرج الجيش الفاتح في اتجاه مكة في العاشر من رمضان، ولما وصل النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته، وضع رأسه تواضعا لله تعالى، ودخل المسجد هو ومن حوله من المهاجرين والأنصار. فاستقبل الحجر الأسود، وطاف بالبيت وحطم الأصنام، وطهر داخل البيت من الصور وصلى فيه ركعتين.

حاول بعض المتهورين من شباب قريش مقاومة الفتح بسيوفهم لكن تمت محاصرتهم بسهولة.

خطب النبي صلى الله عليه وسلم في قريش قائلا: يا معشر قريش ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كرين وابن أخ كريم. قال: فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء.

خاف الأنصار من بقاء الرسول صلى الله عليه وسلم بمكة، قالوا: أترون رسول الله إذا فتح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها. فلما علم قال: معاذ الله المحيا محياكم والممات مماتكم.

النتائج:

- سقوط هيبة قريش بسبب نقضهم العهد.

- القضاء على الشرك في مكة ونفورها تحت نفوذ المسلمين.

- أصبح المسلمون يشكلون قوة عظمى بعد الفتح وانتشار الإسلام بين القبائل العربية.

الدروس والعبر:

- الثقة في التدبير الإلاهي وتحقيق رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم.

- رغم أن الموقف موقف حرب وسلاح ومكر وخديعة إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نموذجا فريدا في طهارته وأخلاقه العالية.

- تواضعه صلى الله عليه وسلم حيث دخل مكة مطأطأ الرأس وأثبت النصر لله تعالى لا لنفسه عند الكعبة لقوله: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده".

- الوفاء والاعتراف بالجميل للأنصار.

- ترسيخ قيم العفو ومنع الانتقام والثأر.

- ترسيخ مبادئ الحرية والسلم والتسامح والوفاء بالعهود.

من أسس انتشار الإسلام وبقائه:

- الحرية: وذلك في بناء التحالفات أثناء عقد الصلح من جهة وفي تحطيم الأصنام وتحرير المجتمع المكي من العائد الفاسدة والخرافات والظلم والاستبداد والفساد والاستغلال من جهة أخرى.

- السلم: في إرسال عثمان بن عفان في التفاوض والشرط المتعلق بوضع الحرب عشر سنين وفي الاحتياطات التي قام بها قبل دخول مكة لتجنب الحرب، دلالة على أن الأصل في الإسلام السلم وليس الحرب.

- التسامح: رغم ما فعله المشركون في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الفترة المكية ورغم نقدهم العهد، عفى عنهم النبي صلى الله عليه وسلم رغم قدرته على الانتقام منهم؛ وفي ذلك ترسيخ لمبادئ الرحمة والتسامح والعفو عند المقدرة.

- الوفاء بالعهود: ويمنح القوة والثقة في الأصدقاء والأعداء، فوفاء المسلمين بعهدهم شجع القبائل على الدخول في حلفهم، مما أكسبهم حلفاء جدد وأعطى إشعاعا للإسلام في شبه الجزيرة العربية، وفي المقابل حسر المشركون في مكة هؤلاء الحلفاء بسبب غدرهم ونقدهم العهد.