التزكية في القرآن الكريم:
الشطر الثالث من سورة يوسف من الآية 21 الى الآية 34:
النص القرآني:
"ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآَيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الْآَخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آَبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الْآَخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلَامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلَامِ بِعَالِمِينَ (44) وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الْآَنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53)"
المعاني والدلالات:
- بدا لهم: رأوا رأي سجنه ظلما رغم براءته، إرضاء لنزوات زوجة العزيز.
- أراني: رأيت رؤيا واضحة.
- الصديق: صِدْق طُبِعَ عليه الأنبياء عليهم السلام في سرهم وعلانيتهم، فلا ينطقون ولا يشهدون إلا صدقا، وهو وصف لسيدنا يوسف عليه السلام.
- شداد: شديدة القحط والجفاف، منذرة بالجوع والفناء.
- حصحص: انكشف وانحنى، وسطع وظهر.
مضامين النصوص:
& من الآية 35 الى الآية 36:
دخول يوسف عليه السلام للسجن ورؤيا السجينين.
& من الآية 37 الى الآية 40:
حرص يوسف عليه السلام على دعوة السجناء الى التوحيد ونبذ العقائد والفاسدة.
& من الآية 41 الى الآية 42:
تأويله لرؤيا السجينين وطلبه الوساطة لدى الملك.
& من الآية 43 الى الآية 45:
رؤيا الملك وعجز ملئه عن تأويلها.
& من الآية 46 الى الآية 50:
تأويل يوسف عليه السلام لرؤيا الملك وطلب هذا الأخير لقاءه.
& من الآية 51 الى الآية 53:
إعادة التحقيق في قضية المراودة وتبوث براءة سيدنا يوسف عليه السلام.
الدروس والعبر:
مما يستفاد من هذا الشطر:
- الابتلاءات ليست سببا للانهيار والعزلة فيوسف عليه السلام فتح لنفسه آفاق رحبة في السجن وكان منفتحا على السجناء مما جعلهم يتعرفون على أخلاقه العالية وعلمه الواسع وإحسانه.
- أهمية اختيار من عرفوا بالعلم والصلاح والتقوى في استشارتهم وعرض الرؤى عليهم.
- رغم ظروف السجن حرص يوسف عليه السلام على أداء واجب الدعوة الى التوحيد وتصحيح العقيدة.
- استعمل يوسف عليه السلام خطابا وجدانيا وعقليا لإقناع السجناء.
- ملازمة نسبة النعمة والفضل الى الله تعالى "ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ"، "ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي".
- ضرورة التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب، فقد طلب يوسف من الساقي أن يتوسط له عند الملك ليخلصه من السجن.
- اختيار الله للعدل خير خير من اختيار لنفسه، فقد سعى يوسف للحرية، لكن الله عز وجل أجَّلَ خروجه من السجن لأنه أراد له الحرية مع الثبوت والكرامة والعزة والتمكين... .
- تعبير يوسف عليه السلام لرؤيا الملك لم يقتصر على فك الرموز وإنما تضمن خطة محكمة لتجاوز أزمة القحط مما يدل على علمه وحكمته وعلى أهمية التخطيط.
- يستفاد من رفض يوسف عليه السلام مغادرة السجن قبل إثبات براءته ووجوب تخليص النفس من الشبهات وطلب السلامة في الدين والعرض والثبات على الحق.
- الله تعالى يكشف ظلم الخائن ويدله ولو بعد حين.
- الصبر واليقين مفتاح الفرج وسبيل النصر والتمكين.
القيم المستفادة:
- الصبر.
- اليقين.
- الثبات.
- الإحسان.
- حسن الخلق.
- الدعوة الى الله.
- الوحيد.
- تصحيح العقيدة.
- الاعتراف بفضل الله.
- التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب.
- عفة اللسان.
- الإحسان الى المسيء.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا