مكون النصوص:
وتجلدي للشامتين:
خطوة استعراض الأرصدة: مفاهيم:
سارت القصيدة الإسلامية على منوال القصيدة الجاهلية للحفاظ على تقاليدها ومميزاتها الفنية. غير أن القرآن الكريم كان له أكبر الأثر في تهذيب سلوك الشعراء وتلطيف منطقهم وتغيير أفكارهم فينصرفون من كل ما من شأنه أن يخدش الحياة ويرزي بالمروءة ويغذي الروح العصبية. فتراهم يقبلون عن المعاني الإسلامية ويستمرون بتوجيهات نيرة وقيمة روحية سمحة وبذلك كان للإسلام أثرا بالغا في اغناء الشعر الوجداني الذاتي والنص الذي بين أيدينا خير دليل لشاعر مخضرم تقلب بين حياتين، حياة الجاهلية وحياة الإسلام الذي اعتنقه ونافح عنه ودافع.
نوعية النص:
قصيدة شعرية عمودية تعبر عن الشعر الوجداني الذاتي الإسلامي لأبي ذؤيب الهذلي مقتطفة من المفضليات (انظر الكتاب المدرسي).
صاحب النص:
أبي ذؤيب الهذلي شاعر جاهلي مخضرم (عاش بين حياة الجاهلية والإسلام) من فحول شعراء الجاهلية، توفي سنة 26هـ.
ملاحظة النص:
العنوان والفرضية:
جاء العنوان جملة اسمية مركبة تركيبا إضافيا من مبتدأ ظاهر وخبر محذوف مقدر.
ومن خلال دلالة العنوان وقراءة الأبيات (1، 5، 13، 12) نفترض أن الشاعر سيرثي أبناءه المتوفين وصبره على شماتة الأعداء.
أفكار القصيدة:
(1 - 3): مواساة الشاعر لنفسه وسؤال الزوجة عن أحواله المادية والمعنوية.
(4 - 11): تعداد الشاعر لأصناف من المعاناة الذاتية إثر وفاة أبنائه الخمسة.
(12 - 13): تجلد الشاعر وصبره على شماتة الأعداء والتأكيد على مبدأ القناعة.
الفكرة المحورية:
رثاء الشاعر لأبنائه المتوفين بسبب الطاعون وذكر معاناته الذاتية وتسلحه بالصبر في وجه الأعداء.
المرحلة التحليلية:
رصد الحقول المعجمية الدالة:
القصيدة تنوعت بين ثلاث حقول معجمية دالة وهي:
- حقل الموت: مصرع، ودعوا، المنية، أودى بنية، المنون، مستتبع، لاحق... .
- حقل المعاناة: الحوادث، تتوجع، أعقبوا غمة، المضجع، منذ ابتذلت، جسمك شاحذ، أقضى عليك المضجع... .
- حقل الصبر: تجلدي، لا أتضعضع، تقنع، راغبة... .
نلاحظ من خلال هذه الجداول هيمنة حقل المعاناة وهو أمر طبيعي ناتج عما أصيب به الشاعر من مصائب الدهر وحوادثه وتحديدا موت الأبناء. ورأى الشاعر أن أحسن مفتاح لمواجهة شماتة الأعداء وكيدهن هو التحلي بالصبر والقناعة لا سيما أبا ذؤيب حديث العهد بالإسلام يتمثل بقيمه وينهل من مثله العليا.
المستوى الإيقاعي:
أ. الإيقاع الخارجي:
أمن المنون وريبها تتوجع ××× والدهر ليس بمعتب من يجزع
///0//0///0//0///0//0 ××× /0/0//0///0//0/0/0//0
متفاعلن/متفاعلن/متفاعلن ×××متْفاعلن/متفاعلن/متفاعلن
- الوزن: من وزن البحر الكامل.
- رويها: حرف العين.
- قافيتها: يجزع، وهي قافية مطلقة لأن حركة الروي متحركة.
- التصريع: تتوجع / يجزع.
ب. الإيقاع الداخلي:
- التكرار:
- الحروف: (ع)، (م)، (ل)، (ي)... .
- الكلمات: الدهر، جسمك، المنية... .
- الجمل: وتجلدي للشامتين.
- الترادف: جميع = ملتئم ، أفزع = مروع.
- الطباق: ينفع # لا ينفع، يعود # راح.
- الجناس: راغبة / رغبتم، دافع / تدافع.
المستوى التركيبي:
من حيث التركيب نلاحظ أن الشاعر وظف جمل فعلية دالة على الاستمرارية والحركية وهذا له علاقة بحالته النفسية الغير المتزنة إثر فقدانه لأبنائه الخمسة في سنة واحدة (قالت أميمة، فأجبتها، فأودى...) أما الجملة الإسمية فتدل على الجمود والاستقرار لكونها تخبرنا بما حلة بالشاعر من مصائب وحوادث (وإذا المنية أنشبت، والنفس راغبة، فالعين بعدهم...).
وإذا تجاوزنا النحو والتركيب الى البلاغة فنرى أن الشاعر أكثر من الجمل الخبرية التي تبلغ ما تعرض له الشاعر من معاناة ذاتية مادية ونفسية بسبب وفاة فلذات كبده (أودى بنية، سبقوا هوايا، فغبرت بعدهم بعيش ناصب...).
المستوى البلاغي:
الصور الشعرية:
- التشبيه:
- المشبه: العين.
- المشبه به: حدائقها.
- أداة التشبيه: كأن.
- وجه الشبه: محذوفة.
- النوع: مرسل بكر الأداة + مجمل لذكر الأداة.
- الاستعارة:
- المستعار له: المنية.
- المستعار منه: محذوف (حيوان مفترس).
- القرينة: أنشبت أظافرها (لفظية).
- نوع الاستعارة: مكنية.
صيغة التلفظ (بنية الضمير):
- هي فالت / أجبتها، أودى (المخاطبة الغائبة) => الزوجة.
- أنا ألفيت، حرصت، كأنني => الذات الشاعرة.
- عنهم، هم، بعدهم => الأبناء.
القراءة التركيبية:
لعد فهم وتحليل القصيدة يتضح أن الشاعر أبو ذؤيب الهذلي يعبر عن تجربة ذاته وأمثلة المعاناة جراء فقدانه أبناءه متخذا من غرض الرثاء مجالا للتعبير عن ذاته فهو يصارع الموت بصبر وتجلد وقد صاغ هذه التجربة في قالب فني وصورة شعرية بلاغية وأضاف الى ذلك بنية إيقاعية وأسلوب على هذه العناصر أسهمت في فعل القصيدة مثالا حيا في التعبير عن الذات في الشعر العربي الإسلامي القديم.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا