مجزوءة الإنسان:مفهوم الوعي واللاوعي:
المحور الثاني: الوعي واللاوعي:
تأطير إشكالي:
لطالما اعتبر الكثير من الفلاسفة الوعي خاصية الانسان لذلك مجدوه ومنحوه سلطة الحضور على مستوى الذات لأنه وحده ما يكسبها وحدتها وهويتها المتفردة داخل عالم متعدد. رغم أن هذه التصورات تناست الى حد بعيد أن أفعال الانسان وسلوكياته لا تحكمها دائما إرادة واعية بل وكذلك النزوع اللاوعي لأن تصورات الانسان لذاته والعالم لا تصدر دائما عن وعي شفاف دائم الحضور، وعلى هذا الأساس يمكن أن نتساءل:
ماذا نقصد باللاوعي؟ وما علاقته بالوعي والشعور؟ وأيهما يحكم الحياة النفسية للشخص؟
مطلب التحليل:
أطروحة النص (نص فرويد):
يعد اللاشعور حسب فرويد أساس وأصل الحياة النفسية للأفراد وهو أوسع منطقة تتحكم في حياتنا النفسية ومظاهرها الشعورية غير أنه بطبيعته الباطنية لا زال مجهول عندنا ولا يظهر أما معطيات الوعي إلا ظهوراً ناقصاً.
البنية المفاهيمية:
- اللاشعور: واقعة نفسية لها نمط اشتغال ومميزات خاصة جعل منها فرويد أساس حياتنا النفسية.
- الحلم: سلسلة من الظواهر السيكولوجية التي تحدث أثناء النوم، وهي عبارة عن تصورات وتمثلات رمزية للذات والواقع ويعتبر معظم علماء النفس أن مشاعر الشخص الدفينة غالبا ما تطفو الى السطح في الأحلام، لهذا يرى فرويد أن الحلم عبارة عن استجابات لرغبات الحلم المكبوتة ويشمل هذا التمويه على التكثيف وهو ضم أفكار في صور خيالية واحدة، والانزياح الذي هو استبدال إحساس تجاه فكرة أو شخص ما لآخر، والرمزية والتي هي استخدام العلامات والرموز للتعبير عن أشياء لا يمكن تصويرها مباشرة.
البنية الحجاجية للنص:
تأسس النص على بنية حجاجية تتمثل في ما يلي:
- أسلوب الدحض والتنفيذ: رفض من خلاله فرويد كل التصورات الفلسفية التي بالغت في إعطاء أهمية للوعي والشعور مقابل النسيان اللاشعور.
- أسلوب التأكيد: يؤكد من خلاله فرويد أن اللاشعور هو الأساس العام للحياة النفسية للفرد وهو أوسع منطقة تضم اللاشعور.
- أسلوب التوضيح والتفسير: يفسر فرويد مفهوم اللاشعور انطلاقا من مثال الحلم الذي يعد بمثابة تصوير رمزي للمكبوتات اللاشعورية لهذا يؤكد هذا الطبيب النفسي في الاهتمام بالدوافع اللاواعية للحلم بدل الاهتمام بمضمون الحلم ذاته.
- أسلوب الاستنتاج: في نهاية النص يستنتج فرويد أن النشاط الشعوري للذات كثيرا ما يضللنا لأنه كثيرا ما يوهمنا بقدرتنا المطلقة على الوعي بحقيقة ذواتنا في حين يخفي عنا كل نشاط مرتبط باللاوعي.
فإلى أي حد يمكن القبول بهذا التصور؟
مطلب المناقشة:
أطروحة إيميل شاريتيه:
إذا كان فرويد يعتبر أن اللاشعور والأساس العام للحياة النفسية فإن إيميل شالتي يرفض هذا التصور ليؤكد بالمقابل أن نظرية اللاشعور ارتكبت جملة من الأخطاء عند تفسيرها للسلوك الإنساني خاصة عندما اعتقد أن ما يحكم حياتنا النفسية باللاشعور بوصفه الأنا الآخر له أحكامه المسبقة وحيله الخاصة وأهواؤه، وهو ما دفع (ألان الأنا) الى اعتبار فرويدية مجرد فن إبداع حيوان مختلف داخل كل واحد منا وأن اللاشعور مجرد شخصية أسطورية لأن آليات عمله غير واضحة وتفتقر الى الأسباب، وبناء على ذلك يستنتج شالتي أن أفكارنا ليست سوى انتاجا لذاتنا الفاعلة والمتكلمة.
تركيب:
على الرغم من كون الانسان واعيا قادرا في كل لحظة على تملك ذاته وإدراكها، غير أنه في كثير من الأحيان يجد نفسه ضحية لمحددات لاشعورية تتحكم في ذاته، وعلى هذا الأساس يمكن أن نستنتج أن الانسان كائن مركب من بعدين هما الشعور واللاشعور.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا كان لديك أي سؤال او استفسار، اكتب تعليقك هنا